المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما العلاقة بين الشكر والصبر ورمضان



اليوم الاصفر
08-28-2010, 03:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]


ففي سياق الكلام عن فرضية صيام هذا الشهر الكريم، وإنزال القرآن فيه؛ أمرنا الله بشكره والتكبير عند انتهائه.


وأمّا الصبر؛ فقد سمي رمضان بشهر الصبر لاشتماله على أنواع الصبر الثلاثة – الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله – لذلك قال الله في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» .


على ماذا نشكر ونصبر؟


اشكر الله:


على ما أنعم به عليك من بلوغ مواسم الخيرات فقد منَّ عليك بنعمة يجب الفرح بها..


{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [ يونس: 58 ] .



وفي حديث الثلاثة الذين استشهد منهم اثنان وبقي الثالث بعدهما، ومات على فراشه، فرُئِيَ سابقًا لهما فتعجب الناس من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أليس عاش بعدهما وصلى كذا وكذا ؟ وأدرك شهر رمضان فصامه ؟! والذي نفسي بيده إنَّ بينهما كما بين السماء والأرض».



وتأمل.. كم من شخص في قبره يتمنى أن يصوم يومًا واحدًا يتقي به عذاب النّار فإن" الصيام جُنّة " فالمطلوب من العبد الفرح وليس الشكر فحسب، فإن لم تفرح برمضان فاعلم أن في النفس غبشاً.


واعلم أنه بمجرد وجودك في شهر رمضان وقد مضت عليك هذه الأيام هذا في حد ذاته نعمة تحتاج إلى لهج بالشكر إذ لا زلنا على وجه الأرض وما دخلنا باطنها.


ومن الناس من تكون عنده حالة من الحزن والرفض عند دخول رمضان – والعياذ بالله- ليس لأجل الإمساك عن الطعام فقط بل لأجل الحرمان من شهوات النفس والبدن، وامتناع المحيطين به عن مجاراته في شهواته.



واعلم أن الفرح بهذا الشهر وفعل الطاعات فيه يحتاج إلى صبر .


فاصبر: على فعل الطاعات فيه .



بعد الفرح بهذا الموسم لا يجدي الحماس فقط بل لابد من الصبر على مداومة الفعل، فما هو إلا زمن وينتهي، وربما يأتي العام المقبل وأنت في عداد الموتى، أو موجود وأصابك المرض، أو موجود -نسأل الله السلامة- وقد ضعف إيمانك، واعلم أن تتابع فرص الطاعات على الإنسان مع تتابع تضييعها يؤدي إلى ضعف الإيمان.



لذا.. على الإنسان شكر الله على بلوغ هذا الشهر والصبر على اغتنامه.



اشكر الله: على عظيم أجر الصيام.


يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به » [متفق عليه].



وما ذاك إلا لما اشتمل عليه الصوم من أنواع الصبر الثلاثة:


1- صبر على طاعة الله.


2- صبر عن معصية الله.


3- صبر على أقدار الله.



فكان أجرالصبر بغير حساب، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ الزمر: 10 ].



فالصوم يختص من بين باقي الأعمال بأنه سر بين العبد وربه والمطلب مراقبة الله، وهذه المراقبة ماهي إلا صبر على تحري مايرضي الله فيقبل عليه العبد، وعلى تحري مايغضب الرب فينفر منه العبد.



فاصبر: على مراقبة الله.


واعلم أن الرجل يصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته.



قال ابن الجوزي:


" إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة. كم من مؤمن لله عز وجل يحترمه عند الخلوات، يترك ما يشتهي حذارًا من عقابه أو رجاءً لثوابه أو إجلالاً له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عودًا هنديًا على مجمر فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو. وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته، وعلى قدر زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود ". اهـ



فأنت تحب الأكل في النهار، وفي رمضان ستدفع هذا المحبوب المتروك لأجل امتثال أمر الله، والسنة تأخير السحور وأنت في وقت النوم أطيب لك من الأكل لكنك تركت المحبوب في الوقت المحبوب لما هو أحب منه، وهذا من معاني المراقبة.



اشكر الله: على عظيم أجر الأعمال في رمضان.


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].


فالعبد قد يصوم طيلة العام من النوافل كيومي الإثنين والخميس، والأيام البيض وله في ذلك أجر، لكن صيام رمضان كان جزاؤه أن يغفر له ما تقدم من ذنبه.

رهف
08-28-2010, 03:55 PM
جزاك الله جل الخير
وفي ميزان حسناتك ...