المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : #مقال | ( الله الله في أبناءنا ) ✍🏻 بقلم / الاستاذ/علي بن سيف النخيلي



صوت صحم للاعلام
04-01-2019, 06:20 PM
لا ريب أن التقدم العلمي و التكنولوجي أحدث العديد من التغيرات الجذرية في حياتنا المعاصرة ، منها ماهي إيجابية تتمثل في تسهيل التواصل بين الأفراد ، و تحسين مستوى المعيشة ، و رفع مستوى جودة المنتجات و تسهيل التنقل ، و غير ذلك الكثير .

لكن - و لأن لكل تغير ضريبة - فإن ضريبة ذلك التقدم الذي نشهده تتمثل في تغيرات سلبية داهمت حياة الأفراد ، و أضرت حتى بأجسامهم و عقولهم ، و إذا كان لزاما علينا كأفراد يانعين منتجين في المجتمع أن نكون في أشد حالات الحذر عند التعامل مع كل ما قدمته لنا تلك الطفرة التكنولوجية الهائلة من أجهزة و تقنيات أصبحت من ضمن مقتنياتنا الشخصية ، بل و بات الواحد منا يعدها جزء لا يتجزأ من شخصيته و هويته ، فكيف هو الحال مع أبناءنا و أطفالنا ، تلك الفئة التي لم تدرك عقولها الطرية الهشة الغرض الحقيقي و الأسمى من إستخدام تلك الأجهزة بما ينفع و يبني و يصقل شخصيتها .

و لا شك بأن الهاتف الذكي بات يحتل مكانة عظيمة في نفوسنا جميعا ، و بالنسبة للصغار فهو من أسمى طموحاتهم و من أحب ما يمكن أن يقدم إليهم كهدية .

وفي الغالب فإن كل ولي أمر في يومنا هذا إذا ما فكر في تقديم هدية لإبنه نظير نجاحه الدراسي فلا مجال للإختيار ، فالهاتف هو الحل . بل أكاد أجزم بما لا يدع مجالا للشك بأنه طوال فترة الدراسه يعده و يمنيه بتوفير الهاتف له حال نجاحه و تفوقه ، الأمر الذي يدفع بالطفل ببذل المستطاع ، و الإجتهاد ، و النضال ثم النضال من أجل ( الهاتف ) فقط .

حتى إذا ما أصبح الهاتف بين يديه نسي ، و نسينا نحن معه ، أن العالم كله أصبح بين يديه ، العالم بخيره و شره بين أنامله الرقيقة ، يتنقل بين جنباته بضغطة زر !

من بين المواقف التي صادفتها موقف لأحد أولياء الأمور حضر إلى المدرسة بناء على إستدعاء وجه إليه لأسباب تتعلق بتدني مستوى إبنه تحصيليا ، وقد شد انتباهي أسلوب توبيخه له قائلا :
ما سبب تدني مستواك ؟ هل ينقصك شيء ؟ ألم نوفر لك كل شيء ؟ حتى أننا وفرنا لك هاتفا حديثا .
و موقف ولي أمر آخر ، تم مصادرة هاتف إبنه الذي أحضره إلى المدرسة لنكتشف الكثير من الصور المخلة و المنافية للآداب في ذلك الهاتف ، و كانت مفاجأة من العيار الثقيل تصور لنا ما وصل إليه حال أبناءنا من دونية و انحطاط بسبب غياب الرقابة و التوجيه .
و بالفعل فقد حضر ولي الأمر مسرعا يطوي الأرض طيا ، فالموقف يستدعي ذلك فعلا ، و لكن - و بكل أسف - تبين أن هدف حضوره السريع هو إسترجاع هاتف إبنه و قد صرف النظر عن جذور المشكلة ، فبالنسبة إليه الأهم هو الهاتف ، و أما ما سوى ذلك فهو أقل أهمية .

و من خلال تلك المواقف و غيرها يتضح لنا أن الكثير من أولياء الأمور - إلا ما رحم ربي - لا يدركون الفرق بين التربية و الرعاية ، فأن تشتري هاتفا حديثا قيما لإبنك ، و أن توفر له كل احتياجاته دون متابعة فتلك رعاية فقط ، و لكن الأحرى بك أن تضع ضوابطا لإستخدام إبنك لتلك الأجهزة مع المتابعة المستمرة و تحت إشرافك شخصيا . و أن تغرس فيه فكرة أن تلك الأجهزة ( نعمة ) إذا حسن إستخدامها ، و قد تنقلب إلى ( نقمة ) ووبالا إذا أسيء إستخدامها .

فالله الله في أبناءنا ، فهم وقود الوطن الذي يفترض إدخاره لمستقبل مشرق و مشرف ، فلتكونوا عونا لهم و سندا ، فما أكثر الملهيات في عصرنا هذا .

http://www.sahmawi.com/do.php?img=10148 (http://www.sahmawi.com/)