المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال.. (( اترك المكان أفضل مما كان )) بقلم.. // محمد بن حمد البادي.



صوت صحم للاعلام
03-23-2019, 06:59 AM
(( أوووه يا عمي... لو شفت الكشرة اللي عقوها ،،غرش الماي والكراتين والقراطيس والأكل ، يمشو ويعقو في كل مكان،، كشرة واجدة .. والبلدية يبالهم أسبوع ألين يلقطوها كلها.. وبعد جايبين طبولهم ، وصدعونا بهن ع طول الدرب..)).


هذا الحديث الذي بادر به أحمد عمه مستنكراً ، بالرغم أنه لم يتجاوز السابعة من عمره، بعد مشاركته في المسير الجبلي الذي نظمته إحدى المناطق المجاورة لمنطقته.


تصرفات فردية غير حضارية تشوه سمعة هذه الفعاليات، وتعكر جوها، وتسيء إلى هذه المبادرات الشبابية الرائعة ، وتنسف جهود القائمين عليها، وأشير هنا إلى تلك السلوكيات التي تتمثل في عدم التزام بعض المشاركين بالمحافظة على نظافة البيئة، فتراهم يرمون مخلفاتهم يمنة ويسرة على طول مسار الطريق ، أو العمل على ازعاج قاطني المناطق الهادئة التي يمر عليها المسير من خلال أصواتهم الصاخبة، لحظات غاب فيها الاحساس بجمال الطبيعة ، وتناسوا قيمة النظافة فتحول الوادي بطوله وعرضه من واحةٍ غنّاء تسر الناظرين إلى سلة مهملات عملاقة.


المسير الجبلي مبادرة تطوعية ، ينظم بجهودٍ شبابيةٍ تحت مظلة الفريق الأهلي الرياضي الثقافي لتلك المنطقة التي ينتمي إليها ذلك الفريق غالباً ،برعايةٍ ودعمٍ كبيرٍ من المؤسسات الحكومية والخاصة ، يحظى بمشاركة واسعة ـ قد يصل عدد المشاركين بالمئات ـ من مختلف شرائح المجتمع صغاراً وكباراً، يلتقون بوجوهٍ جديدةٍ ، يجتمعون سوياً ،يتجاذبون أطراف الحديث .. يمشون .. يهرولون ..يفرحون.. يمرحون.. يجلسون للراحة من بعد العناء،، ثم يحتفلون بما حققوه من نجاح .. فرحين بإنجازهم الرائع.


ومما لا شك فيه أن هذا الإقبال الكبير الذي يحظى به المسير الجبلي منبعه الإدراك بأهمية الأهداف التي وُضِعت من أجله، والتي يأتي على قمة هرمها التشجيع على ممارسة الرياضة ،، ونشر الوعي بأهمية رفع اللياقة البدنية لدى المشاركين ، مقتفين ـ من خلال المسير الجبلي ـ خطى الأجداد لعلهم يلامسون بعضاً من احساسهم ومعاناتهم من شظف العيش في الماضي ،يوم كانوا يتنقلون من مكان إلى آخر سيراً على الأقدام، يقطعون الفيافي والقفار على ظهور الجمال، أو على صهوات الجياد ، متوغلين في أعماق الأودية ، سالكين مساراتٍ متعرجةٍ ، وانعطافاتٍ حادةٍ ، وسط الجبال، بين ارتفاعٍ وانخفاضٍ ، متنقلين من منطقة إلى أخرى طلباً للرزق، أو باحثين عن كلأ وماء لقطعانهم، أو ربما يقتفون أثر طريدة فلتت من بين أياديهم.


مسيرات جبلية جميلة ، يصاحبها زخم إعلامي كبير من خلال تغطية إعلامية مميزة من وسائل الإعلام المحلية، وبث متواصل من وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ،يستكشف من خلالها المشاركون ذلك التنوع البيئي التي تزخر به المنطقة ،بين وديانٍ جاريةٍ وجبالٍ شاهقةٍ وسهولٍ منبسطةٍ ، وما تتميز به تلك المناطق من تنوعٍ نباتي، لا سيما تلك الأشجار المعمرة التي تربط الماضي بالحاضر، والتي ربما كانت شاهدة على أحداث جرت في أزمنة موغلة في القدم ، أو تلك النباتات المهددة بالانقراض ، أو تلك التي تستخدم كطب بديل، بالإضافة إلى التعرف على أماكن الجذب السياحي التي تتميز بها المنطقة.


كل الشكر والتقدير للقائمين على أي مسير جبلي ، الذي يعتبر فرصة للتعارف بين شباب المنطقة وأولئك القادمون من أماكن بعيدة من مختلف المناطق والولايات ،ليس من داخل السلطنة فحسب، بل أن بعضها تخطى الحدود ليستقطب مشاركين من خارج السلطنة ، مبادرة طيبة لها أهداف إيجابية رائعة ، ولكن يبقى على القائمين على مثل هذه الفعاليات بذل المزيد من الجهود في الجانب التوعوي ، والالتزام بتعريف جميع المشاركين بأهداف المسير ، مع لفت الانتباه لأهمية التعاون البناء من أجل تحقيق هذه الأهداف كاملة تحت شعار (( اترك المكان افضل مما كان )).

http://www.sahmawi.com/do.php?img=9990 (http://www.sahmawi.com/)