المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : #مقال | الإعلام الجديد.. والابتزاز الإلكتروني ✍🏻 بقلم: سلطان محمد القاسمي



صوت صحم للاعلام
10-23-2018, 08:37 PM
*الإعلام الجديد.. والابتزاز الإلكتروني*

*بقلم: سلطان محمد القاسمي*

إذا كان السفر يسفرُ عن أخلاق الرجال - كما يقال- فاليوم وفي عالم الاتصال فإن الإعلام الجديد صار يسفر عن أخلاق الناس والأمم والشعوب، وليس أدل على حضارة أمةٍ وأخلاقها من أخلاق بنيها والمنتمين إليها، وأسلوب مخاطبتهم للآخرين، والثقة بالآخر، وصون أمانة العهود والعقود والكلمة.
والعلمُ ما لم يثمر خدمة للإمة، ودعماً لقدراتها، قد يساء استخدامه واستغلاله، فهو كنعمة الوقت، إن لم تستثمره، ضاع من عمرك، وكالسيف إن لم تقتله قتلك، وهكذا عالم الإعلام الجديد، فبالرغم من كونه نعمة عظيمة قربت البعيد، وجمعت المتفرق، وفتحت الحدود، إلا أنه لاتخلو أمة من الأمم من ضعاف النفوس الذين يسيئون رد الجميل، فينكرون النعم ويكفرون بها، فيستغلون ما أنعم الله عليهم من نعمة التواصل وتيسير إمكاناته، ليتربصوا غفلة الناس، ليكشفوا عن أخلاق اللصوصية والابتزاز من خلف ستار الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي، مقنعين باسماء وهمية وصور خادعة شتى، ثم يمارسون عملية الابتزاز عبر مساومة الآخرين ممن اضافوهم أو طلبوا إضافتهم إلى قائمة أصدقائهم، من خلال استغفال بعضهم بطلب المال أو استجداء عواطفهم لغرض المساعدة مدللين على ذلك بعرض صور إنسانية مؤثرة، وربما يدعمون ذلك حتى بأرقام اتصال وشخصيات كانت قد خصصت لاتمام اللعبة، فيعتدوا على خصوصيات الآخرين، فيسرقوا أموالهم وممتلكاتهم ومقتنياتهم، وهذا السلوك في مجتمعنا يعد سلوكا شاذا ونشازا، والقيم الاجتماعية لدينا- تمقته وتنكره وترفضه، ولامكان - بفضل الله - لمثل هذه الحالات فيما بيننا.
مع ذلك فإن - الندرة السيئة- تسيء إلى المجتمع عموما، وهذا يستلزم وضع ضوابط قانونية واجتماعية تحاسب المسيء، وتعاقب اللص الناهب لحقوق الآخرين، والمتجاوز على خصوصياتهم بطريقة أو بأخرى، ودرءً لانتشار هذه المفسدة، على جميع من يعنيهم الأمر التعبير عن شجبهم من خلال تخصصه ووظيفته الرسمية أو الاجتماعية، وحسنا فعلت سلطنة عُ مان بقيادتها الحكيمة أن اصدرت قانوناً يجرم من يرتكب هذه الأفعال، ويقع تحت طائلة المسؤولية القانونية لينال جزاءه العادل.
من جانب آخر، على المستخدمين أن يكونوا أكثر وعيا ومعرفة باستخدامات وإعدادات تطبيقات الإعلام الجديد، و الحذر من بهرج طلبات الصداقة والإضافات، فقط يقبع الشر في إحدى هذه الإضافات غير الموثوقة ليتبين فيما بعد أنه كان لصا يتستر خلف هذه الشبكة أو تلك، يقوم بابتزاز الناس بطريقة المساومة بالصور أو الاستدراج أو التهكير.
ولا ينبغي أن ننسى الجموع الغفيرة التي تنشر الخير وتدل عليه، وتعزز قيم المواطنة والتمسك بالمبادئ الأصيلة، والتي لاتستجيب إلى محاولات التلصص والتجسس واختراق الخصوصية وممارسة الابتزاز الالكتروني لاستحصال بعض لعاعات الدنيا، فالخير هو الأكثر، والخلق الكريم هو الأعم، والطيبة والنبل هو الغراس الاصيل في أرضنا، وإنما من يسيء فهو عشبة ضارة ولها ما يزيلها ويوقفها.
وبعيدا عن عالم الاتصال، فإن الابتزاز بحد ذاته من الصفات السيئة، والأخلاق المذمومة، بل أكاد أجزم أنه من أحط الصفات وأقبحها، ويدل على دناءة فاعله وتردي مستواه الأخلاقي إلى أبعد حد.. وإلى جنب ذلك فهو من دلائل الجُبن والوقاحة في آن واحد، وهي صفات لاتليق بإنسان لديه ضمير حي، وعقل سوي، وشعور بالإنسانية.
فيا شبابنا العربي الأصيل، كونوا قوامين بالقسط، لاتنحدروا إلى مستوى أؤلئك المنحدرين الذين يجعلون من بيئة الإعلام الجديد منصة لاصطياد الشوارد، واختلاس الحقوق، وبيع الذمم، بدلا من أن يجعلوها منصة للتواصل الإنساني الجميل، ورافداً من روافد المعرفة والاستمتاع بمنتجات العالم الفنية والمعرفية والسياسية والإجتماعية، والانطلاق إلى الأفق الأرحب والأوسع، في بئية وفرت علينا الجهد والوقت، وقد قطع العالم فيها شوطا طويلا من الاستثمار الأمثل الذي يعود على بلادهم بالخير والعطاء.


http://www.sahmawi.com/do.php?img=7517 (http://www.sahmawi.com/)