المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : #مقال | مواقف.. بين عامين .. إذا عرفت فالزم(2) #بقلم/ سلطان القاسمي



صوت صحم للاعلام
09-03-2018, 03:09 AM
مواقف.. بين عامين .. إذا عرفت فالزم(2)
سلطان القاسمي
في مقال سابق أشرنا إلى أن رأس المال هو المعرفة وأن الوقت من ذهب كلاهما (أي المال والوقت) يحتاج تدبيراً وتخطيطاً، وإذا كنا قد اعتدنا على التصرف بعشوائية وارتجالية في أيام العمر وسنينه، ورأس ماله من نقد ومعرفة وعلاقات، فإنه لحري بنا أن نوقف هذا النزيف القاتل، وأن نلتفت إلى أنفسنا التفاتة منصف يدرك قيمة الحياة وقيمة الإنسان وقيمة الأيام.
دعنا نسائل أنفسنا عن عام يرحل بأيامه وشهوره ، هل أنجزنا فيه، بل كم نزفنا فيه من طاقة ووقت فيما لا طائل منه، أيعقل أننا لا نعرف حتى أن نوقف هذا الاستنزاف والتردي في المكتسبات إلى الحد الذي نفرح فيه بمضي عام ضيعنا فيه أكثر من ثلاثمئة يوم ويزيد؟ ونتظاهر أننا نحتفي بقدوم عام جديد.. لكن على ماذا؟ يبدو أننا قوم نعشق العيش في زمن المعجزات، فننتظر أن يكون عامنا الجديد عاما مميزا ومدهشا، لا ياسادة.. التغيير يبدأ منا نحن، ونحن أصحاب القرار، وحاشا لله عزوجل أن ينصر قوماً رضوا بالكسل والقعود، وتركوا طريق الهمم العالية.
ولكي لا نمضي بعيداً عن العام الجديد، فاذا ينبغي أن نستعيد فيه؟ أقول لابد من وقفات جادة لمحاسبة النفس، وحشدها للمضي في نيل القمم، والمرور بمحطات للتزود لا للتوقف، ومن ذلك:

*النوع لا الكم*

وهذه المحطة قد تختصر الطريق إلى المعالي والنجاحات بشكل لافت، وذلك من خلال تركيز الإنسان على نوعية الانجاز وليس كميته وحسب، بل النوع أولى، فمثلاً يتجنب الشخص أن يهدر وقته في الذهاب والإياب من غير ضرورة، أو أن يتلف يومه في تصفح جواله وتطبيقاته دون هدف، لابد من التركيز، أجل، التركيز على الهدف، وما يخدم الهدف، لئلا يتيه أحدنا، وبالتالي يغيب عنه الهدف، فننشغل في عد الأيام ويكون لدينا الانجاز مجرد ذهاب للوظيفة والرجوع منها، أو قضاء الوقت في تصفح البرامج التي تنقصنا ولاتزيدنا، ولاعبرة لموظف مثلا يقضي سنوات من عمره في العمل على مكتبه بمجرد أن ينزل توقيعه على كتاب أو مذكرة ما، أو أن يحسب أن ذهابه وإيابه هو وحده يكفي للانجاز المميز، أبداً، بل أن يتذكر حتى هو يؤدي أي واجب من واجباته الوظيفية أو المنزلية أن هناك هدفاً له ينتظر التحقق.

*أحلى ما فيك*

يميل الإنسان بطبعه إلى التعلق بأشياء متعددة، ويحاول أن يسترضي كل من حوله، أو أن يلبي كل ما تشتهيه نفسه، لا، الحق أن يتعرف إلى نفسه جيداً، فينظر أيها صفة أو قدرة ومهارة لديه هي الأحلى فيه، والأنسب أن يعمل عليها، من هنا يجدُّ ويبدأ بالعطاء الكبير، فيركز على مهارة أو مهارتين توصله للهدف أفضل من أن يركز على جوانب عديدة لكنها تهدر وقته دون أن تبلغ به الغاية، فلينظر أحدنا أي شيء هو الأحلى، فإذا وجد في نفسه الميل الشديد مع الرغبة العارمة والارادة الصلبة لأن يكون عسكرياً فليكن كل جهده وبذله وتخطيطه من أجل ذلك، ومن رأى نفسه أن يميل أن يكون أستاذا في مدرسة أو جامعة فليضع لهذا الميل أدواته وينطلق دون أن يلتفت، فما وصل من أكثر الالتفات، ومن وجد نفسه في الأدب والشعر فليكن ذاك، هذا لايعني أن المهارات لاتتعدد والابداع لا يتسع، لكن المقصود هو التركيز من أجل التميز وتحقيق الهدف.

*أحلى ما في الاخر *

ومثلما ينبغي على الانسان أن يستحث أحلى ما فيه هو، فعليه أيضاً أن لا يشق نفسه في متابعة عثرات الاخرين واخفاقاتهم، بل يركز على الجانب الأحلى في الآخر، وإلا فلن يظل أحد في عينه جميلاً، ولا يخلو امرء من عيب إلى جانب قدر كبير من الجمال والمحبة. وسيجد المرء نفسه مضطراً أن يتعامل مع مختلف الناس، فإذا توقف عند البقع السوداء أظلمت الحياة، ولم يعد فيها شيء مشرق، أنا لا أزعم أن الناس جميعهم صفحات بيضاء، أبداً، بل ما أقصده أننا نحن - ومن أجل ذواتنا- ينبغي أن نعرف الجوانب السيئة، لكن لا ينبغي أن نخوض فيها أو أن ندعها تستنزفنا وتشغلنا وتقعدنا عن المضي في طريقنا، أو تحجب عن الجوانب المضيئة في كل أحد.
سلطان محمد القاسمي

http://www.sahmawi.com/do.php?img=6915 (http://www.sahmawi.com/)