المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : #مقال | الطموح.. للحياة معنى. ✍️ بقلم/سلطان بن محمد القاسمي



صوت صحم للاعلام
05-28-2018, 12:45 AM
يفتقد معظم الناس حيثما كان العمل، لاسيما الموظفين منهم خلال مسيرتهم العملية بعضا من نشاطهم وحماستهم في مواصلة العمل، أو الدافعية والابداع، أو أن أحدهم يتيه في مواطن الكسل والتقاعس، حتى تمر منه الأماني مر السحاب، وكذلك قوافل الناجحين وهم ينظرون إليه نظر المغشي عليه، وهو ليس له إلا التحسر والثبور.
وهذا يعزى إلى مستوى الطموح لدى الإنسان، فكلما كان طموحه حيا مستمراً كان النشاط والحماس رفيقه الذي لايفارقه، وحليفه الذي لايتركه، والطموح شقيق الأمل، ولك أن تتصور حياة بلا أمل، أو عملاً بلا طموح!! كيف سيكون الأمر؟ بلا شك، لا طعم للحياة، لا جدوى للعمل، لا معنى للأيام والسنين.
وهذا هو سر ديمومة النجاح، وتحصل الإبداع، وقطع الأشواط في سلم الارتقاء نحو المعالي والعطاء للوطن والأمة، وللنفس قبل شيء، هو أن تمنح روحك حقها في التخيل والتحليق في الطموح وأن لاتضعها في زجاجة صغيرة، حتى إذا أردت التحليق قعدت بك نفسك، واستسلمت للواقع البائس.
وفي هذا السياق يحكى أنه كان هناك طفل صغير أراه والده زجاجة عصير صغيرة وبداخلها ثمرة برتقال كبيرة تعجب الطفل كيف دخلت هذه البرتقالة داخل هذه الزجاجة الصغيرة؟ وهو يحاول إخراجها من الزجاجة، عندها سأل والده: كيف دخلت هذه البرتقالة الكبيرة في تلك الزجاجة ذات الفوهة الضيقة؟! أخذه والده إلى حديقة المنزل وجاء بزجاجة فارغة وربطها بغصن شجرة برتقال حديثة الثمار ثم أدخل في الزجاجة إحدى الثمار الصغيرة جداً وتركها ومرت الأيام فإذا بالبرتقالة تكبر وتكبر حتى استعصى خروجها من الزجاجة. حينها عرف الطفل السر وزال عنه التعجب وقتها قال له والده: يابني سوف ترى بعض الناس يؤمن بقضايا عن نفسه ومجتمعه وضعت له في زجاجة، وبالرغم من ذكائهم وثقافتهم ومراكزهم إلا أنهم قد يسلكوا طرقا لا تتفق مع مراكزهم ومستوى تعليمهم بيد أنهم لايرون أحجامهم إلا من خلال الزجاجة، لانه غرست تلك الخطيئة في نفوسهم منذ الصغر، فنمت وكبرت فيهم، وتعذر تخلصهم منها مثلما يتعذر إخراج البرتقالة الكبيرة من فوهة الزجاجة الصغيرة، فلا تضع نفسك في زجاجة، وأطلق لروحك عنانها.
هكذا حينما تطلق طموحك من أغلاله، لن يتوقف ولن تتوقف معه متعة الحياة، حتى لو تعثرت، أو انتابها خلل هنا أو هناك، كما حدث أن احترقت معامل "توماس اديسون"، مخترع الكهرباء، ومعها معلوماته العلمية، إبان الحرب العالمية الأولى، فقال لزوجته: انها كارثة ولكنها لا تخلو من نفع، فقد التهم الحريق جهودي ومالي، ولكنه خلصني ايضا من اخطائي .شكرا لله !وعاود الكرة من جديد، بلا أخطاء..
وأنّى لموظف أن يبدع وهو بلا طموح! أو أنّى لطالب أن يتفوق وهو يقلب كفيه على خديه من الحسرات والويلات! وأنى لأب أو أم يغيب عنهما الطموح، أنى لهما أن يلقيا في روع أبنائهم الحماسة والدافعية واستحضار الأهداف، لكي ينجزوا ويتفوقوا، ويبعثوا الأمل في أمة تحتاج إلى الأمل، كحاجة الإنسان للهواء، وحاجة السمك للماء!
فما الذي يمنع الموظف في دائرته أو مؤسسته أن يكون ذا طموح مشروع، فيسعى لطموحه، ويبذل في ذلك جهدا ووقتا، وتركيزاً لأجل أن يبدع ويتميز!؟ أكاد أجزم أن معظم موظفي هذا الزمان بحاجة إلى دورات في تنمية الذات، وتحفيز النفس، وصناعة الإبداع، حتى لايموت الإبداع، ولايتراجع الأداء، وهذا ليس لأجل الأمة وحسب، وإنما لأجل الإنسان ذاته، لأن تحقيق الذات هو جزء من الشعور بالرضا، واشباع الحاجة للقناعة، والشعور بقيمة ما يؤمن به وما يعمل لأجله.
ولذا فالمهم أن يتمسك المرء بطموحه، وأن لايتنازل عنه في خضم زحمة المنافسين، فعندما كان فريد سميث صاحب ومؤسس شركة فيدرال إكسبرس Fedex طالباً في السنة النهائية في جامعة ييل الأمريكية طلب أساتذته منه إعداد مشروع يمثل حلما من أحلامه، فاقترح فريد على أساتذته فكرة مشروع لنقل الطرود حول العالم في وقت قصير لا يتعدى يومين، فحكم كل الأساتذة على هذا المشروع بالفشل وقالوا له إنها فكرة ساذجة، وأن الناس لن تحتاج أبداً لهذا النوع من الخدمة وأعطاه أستاذه مقبول في هذا البحث وقال له أنه على استعداد لإعطائه درجة أفضل إن عدل هو فكرة مشروعه فرد عليه الشاب المؤمن بقدرته والقابض على حلمه: إحتفظ أنت بتقديرك وسأحتفظ أنا بحلمي.
وبدأ فريد مشروعه بعد التخرج مباشرة بمجموعة بسيطة من الطرود حوالي 8 طرود وخسر أموالا في بداية المشروع، وكان مثار سخرية الناس، ولكنه استمر وحاول وقاتل من أجل حلمه والآن شركته من أكبر الشركات في العالم في هذا المجال .
إن التاريخ لم يذكر اسم الأستاذ الذي أعطى تقدير ضعيف لهذا الرجل ولكن التاريخ والجغرافيا أيضاً (تجوب طائرات وشاحنات فريد جميع أرجاء الأرض ) ذكرت هذا الرجل بحروف من نور ولم يدفعه الفشل في بداية المشروع إلى التردد في أن يتمسك بحلمه.
فالطموح هو تركيز جميع قوي كيانك على ما تتحرق رغبة في تحقيقه، وأن تصر على ذلك، حتى يتحقق أو يتحقق وحسب.. فهل يا ترى يدرك الإنسان في مجتمعاتنا أهمية الطموح وحضوره في تربية الجيل، من أجل غدٍ أفضل؟

http://www.sahmawi.com/do.php?img=6112 (http://www.sahmawi.com/)