المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : #مقال | قطار العمر.. بين الانتظار والاستثمار(1) بقلم: سلطان بن محمد القاسمي



صوت صحم للاعلام
05-05-2018, 07:49 AM
قطار العمر.. بين الانتظار والاستثمار(1)

بقلم: سلطان بن محمد القاسمي

ليس من أحد في هذه المحطة، محطة الحياة، إلا وتمر منه قطارات الحياة الى النهايات، ومن فاته قطار يمكنه أن يقل قطارا آخر، لكنما بالتاكيد ليس بالحمولة ذاتها، ولا بالبضاعة عينها، بمعنى أن من خسر السبق في الوصول في غاية ما، هو بامكانه أن يصل إليها مع خسارته لبعض الوقت، وبعض الوقت هو بعض العمر، لكن هذا كله لايعني شيئا بقدر ما يعني ذلك الشيء الذي تقتنيه أو تحصل عليه أو تكتسبه، جودة واصالة وقبولا وفاعلية. فمن سبقك الى الزواج لايعني أنه سبقك الى السعادة، ومن سبقك في كسب المال لايعني انه سبقك في الغنى، ومن سبقك الى الموت لايعني أنه سبقك الى الله.. كل هذا مرتبط بثمن السلعة التي بين يديك وجودتها وسلامتها، وكم من الناس يصل لكنه لم يصل، لأنه وصل جسدا بلا روح ولاقيمة، ولا حتى رضا!!


اذا العبرة باستثمار ما تقتنيه، لا باقتناء ما تشتهيه، وبهذا تضيع الأعمار وتهلك في الاقتناء والتجميع، دون أن يصحب هذا التجميع حضور استثماري، ووعي تسويقي لطموحاتك من خلال بناء ذاتك النفيسة باستثمارك المدرك والمخطط له، وهذا يتضح بمثال قريب من البيئة التي يحياها اغلبنا في مؤسسات العمل من دوائر واقسام ومنظمات ووزارات ومكاتب وجامعات وغير ذلك، بل أثمنها هو البيت والاسرة.


لو سألنا انفسنا هذا السؤال؛ كم يقضي احدنا من الساعات في مكان عمله، أو دراسته، أو منزله؟ ساعات كثيرة، اليس كذلك! تعالوا اذا الى السؤال الثاني؛ كم نسبة الساعات التي نستثمرها في تحقيق أهدافنا أو أهداف المؤسسة ومتطلبات العمل؟ لاشك أن الاجابات هنا ستختلف كثيرا، لكن لانختلف أننا نهدر كثيرا من الساعات في التملص من المسؤوليات والواجبات ونقضي يومنا بهذه الطريقة حتى يحين موعد الانصراف، وننصرف لنعبث من جديد في بعض اوقاتنا هناك في المنزل الذي ربما نهدر فيه ساعات اخرى، وهكذا يضيع العمر ونشيخ في أيامه وما اقصرها.


لنسأل الموظف في مكان عمله؛ وبالتاكيد فإن اغلب الموظفين يقضون ما لايقل عن ست الى ثماني ساعات هي الفترة المحددة التي يقضيها الموظف في عمله، كم يستثمر منها في عمله، هل يعطي للواجبات ساعة من ذلك أو اكثر أو اقل؟ ساعة من مجموع ثماني ساعات قد ينجز فيها الموظف الكثير، فكيف لو اعطى ساعتين او ثلاثا أو حتى ثماني ساعات، كيف تتصور أن يكون الانجاز؟ لكن الواقع اننا دابنا على التضييع والهدر، فلا نحن نشكر الله على نعمة العمل وفرصة اكتساب الرزق، ولانحن نستثمر هذه الاوقات في انجاز واجباتنا والتي هي في اغلب احوالها اعتيادية روتينية وبسيطة، هناك يتضح الهدر بصورة كبيرة، لأن الموظف يتكيء على جانب من الأمان الوظيفي الذي توفره له الدائرة، فيكسل ويقعد عن العمل، ويراوغ في تنفيذ ما عليه، ولو أنه استثمر ما مجموعه ساعة او ساعتين بطريقة التركيز والانجاز لوفر على دائرته الكثير من العناء، ولاطمأن ضميره هو لما يقوم به مقابل ما يتقاضاه من الجهة التي أودعته هذه الوظيفة أو الامانة.


هذا هو قطار الوظيفة الذي يمر سريعا لتنتهي بتقاعد الموظف ويظن أنه انجز الكثير وقدم الجزيل، بينما هو بخل على نفسه وهو بكامل طاقته أن يزكي هذه النعمة بالعطاء والعمل والمثابرة، ليمضي في قطار الوظيفة مسافرا آمنا مطمئنا على ما قدم وادخر، وهذا الكلام ينطبق على محطاتنا الاخرى الدراسية منها والمنزلية، فكم من والد ووالدة هدرت اوقاتهما بالطبخ والنفخ دون ان يضعا لاولادهما برنامجا يستثمرون فيها اوقاتهم ويبنون منهما شخصيات تجيد الانتقال من محطة الى الاخرى في الحياة بنجاح وتميز. وكم من شاب قوي مفتول العضلات ضيع عمره بالاستعراض الشخصي دون أن يؤسس لنفسه برنامج استثمار الوقت لبناء فكره وروحه وعمله وعقله!


والان هل ما زلت بانتظار أن تمر القطارات وتركب فيها باي سلعة كانت، أم أنك اليوم تسعى الى ان تكون سلعتك غالية الثمن، تحملها معك مدخرا فكريا او نفسيا أو حسنات يوم تلقى الله، فاحرص أن يكون استثمارك للوقت على اساس الجودة في العطاء، والتركيز في التنفيذ، ولاتنس اهلك من أن تضع لهم فكرة هذا البرنامج، كي لانضيع، وتضيع منا الاعمار، ونندم ولات ساعة مندم.


http://www.sahmawi.com/do.php?img=5802 (http://www.sahmawi.com/)