المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال يوم الجمعة التسامح راحة الدنيا و ثواب الآخرة بقلم /حميد بن محمد المعمري



صوت صحم للاعلام
12-08-2017, 06:45 AM
مقال يوم الجمعة
التسامح راحة الدنيا و ثواب الآخرة


إن مما يميز الإنسان كمخلوق على هذه البسيطة هو الوضع الإجتماعي الذي نعيش عليه من تعارف وتعاون وتزاوج ومودة بيننا، لتُسهل علينا مواجهة الظروف المحيطة بنا، ونتخطى الصعاب المباشرة والغير مباشرة، أو حتى لخلق الحلول لمشكلاتنا مع الطبيعة.

مع هذا الوضع الإجتماعي المتقارب المتداخل للبشرية، إلا أن الفرد في أي مجتمع لابد وأن يقع في إشكاليات مع الفرد الآخر كنتيجة لإحتكاكنا ببعضنا البعض، لكن السؤال هنا من الذي سوف يمد يده و يبدأ بتقديم التنازلات للفرد الآخر؟ بغض النظر عن المتسبب في هذا الإشكال، وأن كان متعمداً أو لم يكن كذلك، من الذي سيبادر لحل يضمن بقاء هذه العلاقة الإجتماعية؟

إن من اهم وسائل بقاء العلاقات الإجتماعية وخاصة العلاقات الزوجية، غض الطرف عن الأخطاء أو العيوب وخاصة تلك التي لا تشكل ضرراً بالشخص نفسه أو بمن حوله، ويذكر الله تعالى لنا في الآية الثالثة من سورة (التحريم) قصة حفصة رضي الله عنها عندما أفشت سِراً كان بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثها النبي عليه الصلاة و السلام عن بعض ما فعلت لكنه تغاضى وأعرض عن البعض، يقول الله تعالى: •{ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ }•

قد يسيئك فعل شخص ما رغم عدم يقينك إن كان فعله مقصود أم غير مقصود، ولكن بتغافلك عن خطأه تتجنب سوء العلاقة بينكما، وتتجنب سوء الظن الذي قد تؤثم عليه، وكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إلتمس لاخيك سبعين عذرا فإن لم تجد له عذرا ًفقل له عذراً، وما كل ذلك إلا لحفظ ما بينك وبين أخيك المسلم من تواد وتآلف.

مما يجب على الإنسان الابتعاد عنه حينما يقع في مشكلة بينه وبين شخص آخر أن لا يغضب، بل يسعى لتهدأة نفسه تجنباً لما قد يثير الحقد والبغضاء بين الشخصين، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))، ويقول علي رضي الله عنه: ((اول الغضب جنون، وآخره ندم))، وإن مما يزيل الغضب عن الإنسان أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم السكوت الذي يجنبك كلام قد يخرج منك ويكون سبباً لفراق بينك وبين شخص كان قريب منك، ومما قاله العرب قبل الإسلام: "الكلمة أسيرة في وثاق الرجل فإذا تكلم بها صار في وثاقها".

من الأجدر بك إذا حدث بينك وبين أي شخص آخر في مجتمعك خصام أن تبادر بالصفح والسماح، وتقديم التنازلات والتغاضي عن ما سبق وفات، فلا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، علماً بأن أغلب الخصومات بين الناس في يومنا هذا ما هي إلا على أمور دنيوية فانية، لكنها تُخلف البغضاء والشحناء التي لا ندري في أي مهلك ستؤدي بصاحبها إن لم يبادر ويبدأ بنفسه ليصفح ويسامح الناس قبل فوات الأوان.

على الصعيد العلمي يقول الدكتور مايكل بيري في كتابه عن علاج الأمراض السرطانية: إن فقدان القدرة على العفو والصفح والمسامحة هو في حد ذاته ظاهرة مرضية تأثر سلباً على صحة الإنسان.

وهذا ما يؤكد لنا أن التسامح والعفو والصفح كلها تؤدي إلى راحة نفسية يعيشها الإنسان تاركاً وراءه كل ما من الممكن أن يعكر صفو يومه، متناسياً ما فات ومضى، تاركاً أمر الحساب لخالق العباد.

بقلم/ حميد بن محمد المعمري

http://www.sahmawi.com/do.php?img=4051 (http://www.sahmawi.com/)